الهوية بين أشجار الصفصاف
قالها الجواهري:
سينهض من صميم اليأس جيل
مريد البأس جبار عنيد
يقايض ما يكون بما يرجى
ويعطف ما يراد لما يريد
السؤال هو كيف يمكن لنا أن نعطف ما يراد لما نريد؟ كيف السبيل إلى التخلص ممّا يجرّنا إلى طريق الوبال فإن الإنسان مشفق مما هو مقبل عليه بعد أن باتت الذات موغلة في النأي عن الحاضر، تتنازعها غوايات القدم والتاريخ والأسس الفكرية الموروثة؟ أما مفردة التاريخ فلابد من توسيع نطاق تعريفها لتشمل أمرين وهما الثقافة التقليدية والمعتقد السائد. فيما يخص الأول فلابد من أن نمهد للمجتمع كي يتعرف على المنهج الثنائي الذي يستبدل الطريق الدائري بالمستقيم وهذا كي لا تصبح بوادر المنطق نائية عنه. أما هذا الأخير فأريد له الخضوع للفكر وأن يضم ترجمة أمينة قدر ما للعقل من مقدرة على سبر الأغوار، هذا إن كانت على مقربة من حوافّ طريق الحق والذي يبدأ من أقاصي العقل وينتهي هنا ليجد الوسيلة التي تضمن تحققه على أرض الواقع ليحتوي على إغراء يؤسر عقل المواطن.
إذن ما هو دور الفكر في بناء الإنسان والتحول المجتمعي نحو الخلاص من الشبهات التاريخية والخروج مما يضارعنا إلى حيث ما استبطأته الذات ولكنها إلى الآن ما شككت؟ وكيف يمكن لنا أن نكوّن عنصرًا يؤمن بالقيم الوجودية ويشذ عن العصبية المعرفية التي كانت ولا تزال مجهولة البنية والتي أثرت بشكل كبير في تشكيل الهوية العربية؟ ما يطمئن إليه النص دليلًا مقنعًا يروي بين الثنايا ضرورة الانكباب على تطهير ذاكرة الفرد التي مازالت تعاني أهوالًا وتحويلها إلى بيئة سالمة وتربة خصبة تبتهل بصمة التغيير المنشود. ما أسلفت كان من أمر المنطق أو كاد، لأننا نتجنب اليقين طالما تخضع الفكرة للتأويل وما يليه.
حميد مطشر
٢٥/أبريل/٢٠٢٠