من أيام العرب.
——-
*يَا دَارُ أَيْنَ تَرَحَّلَ السُّكَّانُ؟*
عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية بن مخزوم بن ربيعة العبسي…
22 ق . هـ / 525 – 601 م
وقيل : بن عمرو بن شداد ، وقيل أيضاً بن قراد العبسي ، على اختلاف بين الرواة…
أحد فرسان العرب وشاعر من شعراء العصر الجاهلي وهو أحد الشعراء الذين علقت لهم معلقات على أستار الكعبة الشريفة وعرفت معلقته باسم معلقة عنترة بن شداد…
هو أشهر فرسان العرب في الجاهلية ومن شعراء الطبقة الأولى ، من أهل نجد ، أمه حبشية اسمها زبيبة ، سرى إليه السواد منها . وكان من أحسن العرب شيمة ومن أعزهم نفساً ، يوصف بالحلم على شدة بطشه ، وفي شعره رقة وعذوبة .!
كان مغرماً بابنة عمه عبلة فقلَّ أن تخلو له قصيدة من ذكرها .؟
اجتمع في شبابه بامرئ القيس الشاعر وشهد حرب داحس والغبراء وعاش طويلاً ، وقتله الأسد الرهيص أو جبار بن عمرو الطائي .؟
نشأ عنترة في نجد عبداً يرعى الإبل محتقراً
في عين والده وأعمامه ، لكنه نشأ شديداً ..
بطَّاشاً شجاعاً ، كريم النفس كثير الوفاء…
بدأت قصة عنترة حينما أغار بعض العرب
على عبس واستاقوا إبلهم ..
فقال له أبوه : كُرّ يا عنترة .!
فقال : العبدُ لا يحسن الكَرّ إنّما يحسنُ الحِلاب والصَّر .؟ فقال : كُرّ وأنت حُر .!!
فقاتل قتالاً شديداً حتى هزم القوم واستنقذ الإبل.
من رقيق شعره وروعته .. هذه المناجاة الملتاعة عن الشتات والفرقة ، تترقرق الدموع .. وينسال القريض عذباً ، يحاكي وجع القلب وحرقته .. مترجماً حالة الشوق والحنين .. ومرارة الفقدان واللهفة .؟!
يناجي فيقول :
يا دارُ أَينَ تَرَحَّلَ السُكّانُ ..
وَغَدَتْ بِهِمْ مِنْ بَعدِنا الأَظعَانُ .؟
بِالأَمسِ كَانَ بِكِ الظِّباءُ أَوانِسَاً ..
وَاليَومَ في عَرَصاتِكِ الغِربَانُ
يَا دَارَ عَبْلَةَ أَيْنَ خَيَّمَ قَومُهَا ..
لَمَّا سَرَتْ بِهِمُ المَطيُّ وَبَانُوا
ناحَتْ خَمِيلاتُ الأَرَاكِ وَقَد بَكى ..
مِن وَحشَةٍ نَزَلَتْ عَلَيْهِ البَانُ
يَا دَارُ أَروَاحُ المَنَازِلِ أَهْلُها ..
فَإِذَا نَأَوا تَبْكيهِمُ الأَبدَانُ
يَا صَاحِبي سَلْ رَبْعَ عَبْلَةَ وَاِجتَهِدْ ..
إِنْ كَانَ لِلرَّبْعِ المُحِيلِ لِسَانُ
يَا عَبْلَ : مَا دَامَ الوِصَالُ لَيَالِيَاً ..
حَتَّى دَهَانا بَعدَهُ الهِجْرَانُ
لَيْتَ المَنَازِلَ أَخبَرَتْ مُسْتَخْبِرَاً. ..
أَيْنَ اِستَقَرَّ بِأَهْلِهَا الأَوطَانُ
يَا طَائِرَاً قَد بَاتَ يَنْدُبُ إلْفَهُ. ..
وَيَنُوحُ وَهوَ مُوَلَّهٌ حَيْرَانُ
لَو كُنْتَ مِثْلي مَا لَبِسْتَ مُلَوَّناً ..
حَسَناً وَلا مَالَتْ بِكَ الأَغْصَانُ
أَيْنَ الخَلِيُّ القَلْبِ مِمَّنْ قَلْبُهُ ..
مِنْ حَرِّ نِيرَانِ الجَوَى مَلْآنُ …
عِرنِي جَنَاحَكَ وَاِستَعِرْ دَمعِي الَّذي ..
أَفْنَى وَلا يَفْنَى لَهُ جَرَيَانُ
حَتَّى أَطِيرَ مُسَائِلاً عَنْ عَبْلَةٍ ..
إِنْ كَانَ يُمْكِنُ مِثْلِيَ الطَّيَرَانُ .