الباحث : الدكتور فالح عبدالله المنصوري
جامعةHSU/USA
من هم القرامط ؟ ?
ثورة الفلاحين بلا منازع»
حمدان بن الاشعث والمتخلص بـ ( حمدان قرمط ) مؤسس الدولة القرمطية ولد في بلاد الاحواز ( عيلام) ماخوذ اسم الحركة والدولة من اسمه. «إن كانت ثورة الزنج هي ثورة العبيد، فإنّ الثورة القرمطية هي فاندلعت ثورة القرامطة ابتداءا من بلاد الاحواز فكان انلاعها في وتوهجها في الكوفة في العراق حيث كانت الظروف مهيأة للاضطرابات والثورات ولها خلفيات سياسية ودينية وكذلك اقتصادية واجتماعية. فالقرطية انشقت عن الولة الفاطمية الشيعية وطبعوا لحركتهم طابع ديني ادي الى نجاحها وتاسيسهم دولة خاصة بهم . حيث قامت اول دلة قرمطية باية منطقة ( الاحساء ) شرق المملكة العربية السعودية اليوم. وهي بعقائدها تختلف تماما عن بقية الفرق الاسماعيلية كالنزارية والبرة. وقد عرفت باسم العوة الهاية. و البعض من المورخين لهم راي وانهم من ينسب القرامطة الى (لدروز ) فكانت سنة 255 هـ اندلعت ثورة الزنج والتي دامت لاكثر من عشرون عاما, تخللتها كثير من المعارك الحخربية بين الثوار واغلبهم من الطبقة المسحوقة والمستعبدين حيث كانوا يعانون من طروف معيشية صعبة وعمل شاق في المزارع وكان يقوهم ( علي بن محمد الاحوازي ) والذي اعى انتسابه الى ( ال البيت ) وثار على الخليفة العباسي والذي حاول الاخير على قمعها.
فامتشر فكرتهم حيث اجتازت العرق ثم البحرين بزعامة ( ابو سعيد الجنابي ) الذي ظهر سنة 899.م . وقام ببسط نفوذه على البحرين كاملة فاصبحت البحرين مكزا رئيسيا للقرامطة. ثم اتسع نفوذها الى ( الاحساء والطائف ووصلوا الى اليمن ) حتى وصلوا الى الشام في منقة تسمى ( سلمية وبعلبك ) ثم سيكروا على دمشق عام 873 .م. ثم اتجهوا نحو مصر وعمان والمغرب. ويقال انهم اخذوا ( الحر الاسود ) من مكة. حتى عجز الخليفة المعتضد ان يقابلهم . على أرض الواقع، استفاد القرامطة من البنية التحتية الباطنية للمذهب الإسماعيلي، والذي بثَّ العديد من دعاته سرًا في أنحاءٍ متفرقةٍ من العالم الإسلامي، كان أبرزها في بلاد الاحواز، وسلمية قرب حمص، بالشام. لكن كان الثقل الرئيس للدعوة الإسماعيلية القرمطية في سواد الكوفة بالعراق، حيث نشط حمدان قرمط.
في بداية دعوتِه، كان حمدان خاضعًا للقيادة المركزية السرية للدعوة الإسماعيلية العامة، وكان مقرها على الأرجح سلمية بالشام. استغلّ حمدان تفكك سيطرة الخلافة العباسية على جنوبي العراق، وانشغالها بثورة الزِّنج العنيفة، وبثّ دعاته في أرياف الكوفة، وجوارها، ليبدأ في الجهر بدعوته عام 278هـ، ويبني دارًا خارج الكوفة يعتبرها «دار الهجرة»، وبدأ في الصدام المباشر مع الدولة العباسية. كان هذا النشاط بالعراق، بالتوازي مع بث دعاةٍ آخرين خارجه. فبدأت الدعوة في بلاد الاحواز عام 260هـ، وفي اليمن 268هـ (لكنها ظلت على ولائها المركزي الإسماعيلي العام)، وفي شرقي الجزيرة العربية عام 281هـ، حيث لاقت نجاحًا كبيرًا هنالك، وامتدت إلى عُمان واليمامة، والبحريْن الحالية، وأضحت تلك المناطق -خاصة الأحساء والبحرين- المعقل الرئيس للقرامطة، حيث تموقعت عاصمتهم فيما بعد (هجر). ظهر الإسماعيليون على مسرح التاريخ بشكل أقوى كثيراً بعد فترة قصيرة في النصف الثاني من القرن الهجري الثالث، عندما انبعثوا بصفتهم منظمة حيوية تقود نشاط دعوة شاملة عبر شبكة من الدعاة. يستطيع المرء أن يميز قيادة مركزية ذات طاقة عالية وراء هذا النشاط الثوري، هذه القيادة كانت في البداية تعمل من عسكر مكرم في الاحواز وأخيراً من سلمية في سورية. وهناك روايات متنوعة عن بدايات الدعوة الإسماعيلية في القرن الثالث الهجري التاسع الميلادي، وعن الأعمال الدينية بالتحديد وعن سلسلة نسب القادة المركزيين المسؤولين عن تنظيم وقيادة هذه الحركة، التي اجتذبت انتباه المسؤولين العباسيين بسرعة، وكذلك الجماهير تحت اسم القرامطة. ثمة رواية إسماعيلية رسمية رعاها الخلفاء الفاطميون أوجزها فيما بعد الداعي المستعلي إدريس عماد الدين (توفي 872 هـ 1468م) في الجزء الرابع من كتابه عيون الأخبار، وثمة رواية معادية للإسماعيليين تعود إلى الجدلي ابن رزام والشريف أخي محسن، وقد حفظها مؤرخون متأخرون وبالتحديد ابن الدواداري والنويري والمقريزي. كما أن الطبري سرد لنا الفصل الافتتاحي لحركة القرامطة في العراق (الطبري مجلد 3 ص 2124 ومن الترجمة مجلد 37 ص169).
وفي عام 286 هـ بدا الانشقاق القرامطة، الانقسام القرمطي – الفاطمي وهنا يبرز الكثير من الغموض. فعندما أعلن عبيد الله المهدي الفاطمي الإمامة لنفسه، اعترض بعض أبرز الدعاة ومنهم حمدان قرمط، وعبدان. اختفى حمدان فجأة، واغتيلَ عبدان، ومنذ ذلك الحين لا يُعرَف إلى أينَ ذهب، أو ما مصيره. وإن كانت بعد المصادر الشيعية تذكر أنه سار خفيةً إلى عبيد الله المهدي، وبايعه، واكتسب معه هويةً جديدةً غير معلومة، ومضى يواصل سبيل الدعوة الإسماعيلية العامة. وقد أدى هذا الاختفاء إلى بلبلة واضطرابٍ كبيريْن لدى قرامطة العراق وبلاد الاحواز.
ومن جهة اخرى سعى زكرويه الداعية القرمطي وكان معارضا بشدة لهذه الانقسام الفاطمي حيث ارسل بعض ابناءه داعية الى بلاد الشام وجمع هناك جمهورا كبيرا من سكان البادية السورية للدعوة القرمطية. ولكن فيمابعد قتل زكرويه في اصطدام في منطقة ( سلمية ) بالشام بعد معركة شرسة مع العباسيين عام 294 هـ ولهذا السبب تفككت شبكة انصارة وانتهت عمليا الحركة القرمطية في بلاد العرق والشام
شهد العام 261 هـ 874-75م وربما قبل ذلك بداية نشاط الداعي حمدان قرمط في العراق (ابن النديم ج1 ص187. المسعودي – تنبيه ص395). وحمدان قرمط نفسه هو من المستجيبين للداعي حسين الأحوازي الذي أرسله القائد العام للإسماعيليين إلى جنوب العراق. نظم حمدان الدعوة في موطنه سواد الكوفة وأجزاء أخرى من جنوب العراق، بسرية كاملة وعين دعاة للمناطق الرئيسية. كانت الدعوة التي نظمها حمدان جزءاً من الدعوة الإسماعيلية العامة يومئذٍ التي كانت تُدار مركزياً من سلمية. قبل حمدان سلطة القادة المركزيين واتخذ مقراً له في كلواذا قرب بغداد، ومن هناك كان يتراسل مع القيادة المركزية –. ومن العوامل التي ساهمت في نجاحه السريع ثورة الزنج وهم مجموعة من الكادحين المستعبدين العبيد حيث جعلوا الرعب جنوب العراق وجلبوا انتباه القيادات العباسية في بغداد، واستمرت هذه الثورة لمدة خمسة عشر عاماً (255 -70 هـ 869 – 83م). ازداد عدد أتباع حمدان بعد أن كسبوا اسم القرامطة بشكل عام 267 هـ 880م حين عقد حمدان تحالفاً مع قائد ثورة الزنج (الطبري ج3 ص2129
بدأت الدعوة في أقاليم أخرى إلى جانب وجودها في العراق حوالي عام 260 هـ 870م ظهرت الدعوة في بلاد الاحواز وكانت تدارمن قبل القادة القرامطة في العراق. فأبو سعيد الجنابي (907) الذي درّبه عبدان كان ناشطاً في بداياته في الاحواز ونجح نجاحاً عظيماً (مادلونغ 1983). وعُيّن مأمون أخو عبدان داعياً في بلاد الاحواز ، وبعده دُعي أتباعه في تلك المنطقة بدعوة المأمونية (الديلمي ص21). كما بدأت الدعوة في اليمن عام 268هـ 881م وبقيت على علاقة وثيقة بقيادة الإسماعيليين المركزية، وقادها الداعيان على بن الفضل وابن حوشب المعروف بمنصور اليمن (النعمان بن محمد، افتتاح الدعوة ص32-47؛ هالم 1981). وفي عام 270هـ 883 أرسل ابن حوشب ابن أخيه داعياً إلى السند، وبعده أَرسل أبا عبد الله إلى المغرب حيث هيأ الأرض للحكم الفاطمي (النعمان بن محمد، افتتاح ص45، 59).
أما اليمن، فلم يدُم الوجود القرمطي فيه أكثر من 20 عامًا، تخللها الكثير من الاضطراب، واختلاف ولاء الدعاة الإسماعيليين بينَ القرمطية والفاطمية، ولم يعد من وجود يذكر للقرامطة هناك بعد عام 304هـ.
وعندما نشب الخلاف بين قرامطة البحرين والفاطميين انفجرت في حرب مفتوحة عقب فتح الفاطميين مصر عام 358 هـ 969 م واجتياح الفاطميين لسورية في العام التالي. بدأت الجيوش القرمطية بقيادة حسن الأعصم ابن أخ أبي طاهر قبل فتح مصر بوقت قصير غارات على سورية وفلسطين أجبروا خلالها الحكام الأخشيديين على دفع مبالغ سنوية للقرامطة. عام 360 هـ 971 م هزمحيث تمكن حسن الأعصم بمساعدة البدو والحمدانيين ن يهزم الجيش الفاطمي وتمكن من احتلال دمشق والرملة وأعلن سيادة العباسيين على هذه المناطق وسبّ وشتم الخليفة – الإمام المعز على المنابر. ثم سار حسن الأعصم الى مصر حتى وصل أبواب القاهرة، ولكنه في ربيع الاول من سبة 361 هـ أُجبر على التراجع إلى الإحساء.
و في كانون الأول 971 م، بسبب المشاكل الداخلية في البحرين نشب خلاف بسبب نقل الفاطميين عاصمتهم إلى القاهرة في رمضان 432 بين الخليفة المعتز والحسن الاعصم الى درجة وقد تبادل رسائل تهديدية هـ حزيران 973م (انظر المقريزي اتعاظ ج1 ص 189-202؛ النويري، ص 307-310؛ ابن الدواداري ص149-156؛ مادلونغ، ص 68-69، 85). في عام 363 هـ 974 م هاجم حسن الأعصم مصر مرة ثانية وحاصر القاهرة ولكن الفاطميين هزموه فعاد إلى البحرين. فيما بعد فتح الفاطميون دمشق ووقع الإمام – الخليفة المعز معاهدة سلام مع القرامطة الذين استلموا مبلغاً من المال يعادل ما كان الأخشيديون يدفعونه لهم. (ابن القلانسي ص 1-11؛ النويري ص 304؛ المقريزي المقفى، في أخبار القرامطة ص 402)
م عندما كان الإمام عبد الله المهدي يقيم سلطته بصفته الخليفة الفاطمي الأول في شمال أفريقية بحلول العقد الاول من القرن الرابع الهجري 912هـ – 923 .م ,في حينها كان وضع القرامطة في البحرين والعراق في تدهور, بدأت الحركة القرمطية تستعيد بعض وحدتها الأيديولوجية وتُحقق انتشاراً في الاحواز وبلاد ما وراء النهرين.
نهاية القرامطة :
اقتحام المسجد الحرام، وقتل الحجيج ورمي جثثهم في بئر زمم واقتلاع الحجر الأسود من مكانه واحتفضوا به قرابة 22 عاماً، كل ذلك حدث في عهد الخليفة العباسي المقتدر بالله بن المعتضد من قبل فئة ادعوا التشيع وأطلقوا على أنفسم اسم “القرامطة”. وفي العام 337هـ وبعد وساطة شاقة، ودفع أموال هائلة، تسلَّم العباسيون الحجر الأسود وأرجعوه إلى مكانه مرة أخرى. تمكنوا القرامطة من بسط نفوذهم في العراق وبلاد الشام وشبه الجزيرة العربية وصولاً إلى مكة؟ بعد وفاة الإمام السادس جعفر الصادق، حدث انشقاق في الصف الشيعي، فمنهم من اعتبر إسماعيل بن جعفر هو الإمام السابع وعُرفوا فيما بعد بالإسماعيلية. ومنهم من اعتبر موسى بن جعفر الإمام السابع، وهم يمثلون الأغلبية الساحقة للشيعة اليوم، ويسمون “الإثني عشرية”. بايع الإسماعيليون محمد بن إسماعيل إماماً لهم، ونتيجة لملاحقة الدولة العباسية له اضطر إلى الخروج من الحجاز واختفى، لتبدأ حملة سرية وواسعة لنشر العقيدة الإسماعيلية.
ومع ذلك بقيت الدعوة تجري باسم محمد بن إسماعيل الغائب، الذي قيل إنه هو “المهدي المنتظر”. وكانت الدعوة الإسماعيلية في بلاد الاحواز والعراق يقودها حمدان قرمط، الذي تمكن من تحقيق نجاح كبير واجتذاب الكثيرين إلى الدعوة الإسماعيلية في العراق، والتي توسعت فيما بعد لتشمل اليمن والمغرب ووسط وشمال فارس. وفي عام 899م، أعلن عبيدالله المهدي -الخليفة الفاطمي فيما بعد- أنه إمام وأنه من سلالة محمد بن إسماعيل، وأمر جميع الدعاة في مختلف الأمصار بإعلان أنه الإمام الحادي عشر للمسلمين ونشر الدعوة باسمه بدلاً من مهدية محمد بن إسماعيل. إلا أن الإسماعيلية في العراق والبحرين وخراسان رفضوا الاعتراف بإمامة عبيدالله، وكان على رأسهم حمدان قرمط الذي كانت مدينة واسط العراقية مركزاً لدعوته. وواصلوا تمسُّكهم بإيمانهم الأصلي بشأن مهدية محمد بن إسماعيل، ليقيموا سنة 899م دولة في البحرين ويعلنوا قطع علاقتهم بعبيدالله، وعرفوا فيما بعد بالقرامطة، الذين وصفهم عديد من المؤرخين بأنهم ملة كفرٍ، ظاهرها التشيع.
فقد سنّو شرائع خاصة بهم مثل أن الخمر حلال وأن لا صوم في السَّنة ، وأن الحج والقِبلة إلى بيت المقدس. ومن الوقائع الاخرى في زمن القرامطة لقد اتهم الصوفي المشهور ( حسين بن منصور الحلاج الاحوازي) بانه عميل لدولة القرامطة في نهاية المطاف سقط القرامطة؛ بسبب انكماشهم الداخلي بعد إسناد إمارة البحرين إلى شاب رأى الجنابي أنه المهدي المنتظر. فقام ذاك المهدي المزعوم بإعدام عديد من أعيان الدولة، التي شارفت الانهيار ودخلت في حرب مع الفاطميين، دفعت بعديد من القرامطة إلى الارتحال إلى بلاد الاحواز.
وفي منتصف القرن الخامس، استطاع العوينيون وبعض القبائل العربية الموالية للعباسيين والسلاجقة هزيمة القرامطة ودحرهم عن إقليم الأحساء والبحرين، بعد ما يقرب من قرنين،. وقد قُسِّم المجتمع القرمطي في هذه الدولة إلى طبقات أربع، وهذه الطبقات هي:
الطبقة الأولى: وهم الإخوان الأبرار الرحماء كما جاءت تسميتهم في رسائل إخوان الصفا، وهذه الطبقة هي طبقة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين خمس عشرة سنة وثلاثين سنة، وهم الطبقة المستعدة لتقبل أفكار القرمطيين وتبنيها والدفاع عنها.
الطبقة الثانية: وهو ما يُعرفون بطبقة الإخوان الأخيار الفضلاء، وهم من تتراوح أعمارهم بين الثلاثين والأربعين عامًا وعم المكلفون برعاية الطبقة الأولى ومساعدة شبابها.
الطبقة الثالثة: وهذه الطبقة تشمل من هم بين الأربعين والخمسين عامًا، وهم من يأمرون وينهون ويُسمَّون بالناموس الإلهي ولديهم الحق في إصدار الفتاوى والأفكار العقائدية التي يتبناها أصحاب الطبقات الأدنى.
الطبقة الرابعة: وهم المريدون أو المعلمون أو المقربون من الله تعالى، وهم من تجاوزوا الخمسين من العمر وهؤلاء هم الطبقة المثلى عند القرامطة، وهم من يستطيعون رؤية أحوال القيامة من البعث والنشور والحساب والميزان.